الاثنين

العلمانية تبكي وتبكي ولا من مجيب





بعد يوم طويل في العمل عدت إلى البيت متعبا ً لا أرى أمامي الا صورة الوسادة حبيبتي الوحيدة متمنيا ً أن أقضي معها الساعات القليلة القادمة ، فتحت الباب لأجد الحكيم في المجلس مع طفلة صغيرة تبكي بمرارة .

- أهلا يا حكيم ... من هذه ؟

- إنها صديقتك و حبيبتك لا بارك الله بك ولا بها

- سحقا ً أيها العجوز المقرف .. اخبرني من هي

- إنها العلمانية العربية الصغيرة تبكي وتلطم حظها الاسود الذي عرّفها على العرب .

- لا بأس ياعجوز ابتعد عن طريقي


مسكت ُ يدها الصغيرة و سألتها : مابك يا عدوة العرب ؟
- سأرفع قضية على الكويت .
- ولما هداك ِ الله ؟
- ألم تسمع بانتخابات مجلس الامة الكويتي ؟
- نعم .
قالت : أوما سمعت كيف شوهوا صورتي ؟ قلت : وكيف لا يشوهون صورتك وانت عدوتهم اللدودة ... أو هكذا هم يعتقدون . قالت : لكني لست أبكي على المتشددين دينيا ً ، بل على من يدعي انه مني وأنا لست منه .

فقلت : من تقصدين ؟ قالت : التحالف الديموقراطي .

فاذا بالشريعة التي كانت نائمة في فراشها قالت : لست أول ولا آخر من تم تشويه صورته ... فاسترسلي - تجاوز الله عن ذنوبك التي لا تعد ولا تحصى -
تركت لها المجال لتتحدث فقالت :



قالوا ان العلمانية كفر ، قالوا اني لست سوى مولود أتى على انقاض الكنيسة ، قالوا و قالوا الكثير ولازلت صامدة واثبت لهم بالسر انه لا غناة لهم عني ، كل دول العالم تستخدم العلمانية بأوجه مختلفة ، تونس تستخدم العلمانية و امريكا تستخدم العلمانية و اليابان تستخدم العلمانية و الكويت تستخدم العلمانية ، كل دولة تفصل الدين عن الدولة هي علمانية بالضرورة ، الفرق هو بمستوى الفصل جزئي او كامل .
لكني أعترف اني كائن مسخ قبيح ان أتيت وحدي دون مكملتي الليبرالية ، لك أن تتخيل دولة تطبق العلمانية بقوانين ظالمة ( تونس كمثال ) فأي فائدة سآتي بها أنا للبشرية ان استخدمني كل فكر و كل شخص من أجل تحقيق مآربه بدعوى " العلمانية " فيا اسمي المسكين لا تحزن .
البشرية لم تطالب بفصل الدين عن الدولة الا من اجل بناء وطن للجميع لا لدين معين على حساب الاقليات وحريتهم الدينيه ، كثير من الرؤساء والقادة استخدموني من اجل ظلم الاكثريات والاقليات على حد سواء ، فمنعوا الناس من عبادة آلهتهم و بناء دور العبادة بل وحتى حرية اللبس فرضوا عليهم السفور ومنعوا عنهم الحجاب ، وهذا ما فعله المتدينيين بزمن من الازمان عندما فرضوا الحجاب ووصفوا كل من خالفهم بأبشع الاسماء باسم الله ، وهو ما يذكرني بادبيات شاب سعودي يقول :
كلما حاولت أن اهرب من سجني الترابي قيدوني
بطقوس صار فيها الكل أخرس
فالليبرالية يجب ان تربط ربطا ً بي والا سأصبح كائنا ً مسخا ً أسوأ من اي دين وجد على هذه الارض لاني سأكون كلمة مطاطية يستخدمها أكبر ارهابي ، أما الليبرالية فسأتركها تتحدث عن مأساتها في يوم آخر وهي المسكينة التي لعب بها القاصي و الداني ، فإن قلت له ليبرالية قال لك : دعارة وفسق و فجور ، وكأنها دين محدد و شريعة غير قابله للتشكل ، اعتاد الجميع على مقارنة الليبرالية بالدين حتى انهم يرون انها لابد ان تكون محددة كي تصلح ( لجميع المجتمعات ) وهو الامر الذي دمر البشرية : بضرورة تطبيقها على كل مجتمع دون مراعاة لعاداته ، وهذا ما أتت الليبرالية لتنقضه لكن لها الله .
أما مصيبتي التي ألطم عليها فهي المنبر الديموقراطي الكويتي الذي ادخلني حجرة العمليات لتغيير ملامحي ليتناسب مع المجتمع الكويتي ، فكيف أكون أنا مساندة للشريعة ؟ أنا ؟ أنا التي قضيت حياتي كلها منذ ان ولدت حتى هذه اللحظة اسعى لفصل الدين عن الدولة من اجل سعادة البشر كي يكون الدين للفرد و الوطن للجميع ، يأتي من يتكلم باسمي ؟ وطريف ٌ من يقول انه يقصد الليبرالية ، فماهي الليبرالية على أي حال ؟ إنها طفلتي المدللـه و صغيرتي المحبوبة أتت من رحمي وأنا لها الفداء ، إنها للجميع ( مسلم \ مسيحي \ بوذي \ يهودي \ ملحد ) .
كيف أيها المنبر الديموقراطي تقول انك تحرص على تطبيق الشريعة ( وهو ما يناسب فهمك انت للشريعة المخالف لفهم المتدينيين ) بينما الشريعة تقول : فرض للحجاب و قتل لمن غير دينه و دفع الجزيه للمخالفين ولا منصب بالدولة الا للمسلمين ، فإن كنت أيها المنبر تقصد بعض جوانب الشريعة فخبت و خبت وخبت ، أي مبدأ لديك الذي يأخذ من الليبرالية جزء ومن الشريعة جزء .
أيها المنبر سأترك الشريعة ايضا تبكي حظها العاثر التي جعل منها - مثلي ومثل الليبرالية - كلمة يستخدمها كل من هب ودب .
أقسم إن دخول المجلس صار هاجس الناس لدرجة أن الكل مستعد على أن يبيع أي مبدأ هو عليه من أجل تحقيق مراده ، غدا ً سنجد التجمع السلفي يؤكد على تمسكه بالعلمانية لو أصبحت الكويت علمانية صرفة . وكما قال أحد الاصدقاء : اذكرك.. بعد كم سنة.. بيصير ابليس يقول .. انا اغوي العالم .. لكن وفق تعاليم الشريعة الاسلامية السمحاء
.

الأحد

هل أقنع مصطفى محمود المسلمين فضلا عن الملحدين ؟


- ماذا تقرأ يا حكيم ؟
- كتاب ٌ اشتريته منذ زمن موسوم بـ : حوار مع صديقي الملحد ؟
- اه مصطفى محمود الملحد السابق
- هو بعينه ، ما رأيك به ؟
- كثير من الأدباء دخل في تجربة الشك بوجود إله وهذا أمر طبيعي يحدث لكل انسان مفكر يستخدم عقله ، و كما هو معلوم انه يحدث للادباء والفلاسفة والعلماء أكثر من غيرهم لانهم كما يقول جوستاين غاردر ( الفيلسوف هو انسان لم يستطع يوما أن يتعود على العالم ، والعالم يظل بالنسبة له شيئا غير قابل للتفسير )
ولكن معارضة المجتمع الذي يؤمن سلفا ً بأمور وحدود لا يجوز تجاوزها يجعل الكثير منهم يتراجع وهو غير مقتنع سرا ً ، وبعضهم يؤلف الكتب لإسكات الناس ، و بعضهم يؤمن بحق، والبعض الاخر يعتقد انه عاد للايمان بينما السبب الحقيقي هو الضغط الهائل الملقى على عاتقه . وإن أخذنا احدهم كمثال فإن حب الظهور وحب المديح جعل مصطفى محمود ينسى نفسه كثيرا ً في دعوته للملحدين فجاء اسلوبه خاليا ً من اللياقه ومن أدب الحوار فضلا ً عن محاولته لاستمالة الاراء المؤيدة و تحريك المشاعر لا العقول في ردوده الكثيرة ، أي انه يعطيك قناعات مسبقة عن الإلحاد ثم يريد منك أن تصدق انه يتحدث مع صديقه - الافتراضي - حوارا عقلانيا ، وفي أول فقرات كتابه ( حوار مع صديقي الملحد ) يظهر هذا الأمر لاستمالة مشاعر المؤمنين والانطلاق من مبدأ : (خير وسيلة للدفاع الهجوم ) ، وكما يقول الاستاذ نبيل فياض( كلما زادت الفكرة هشاشة، زاد إرهاب أصحابها في الدفاع عنها ) وهذا بلا شك اسلوب من يخشى النقد لهشاشة فكرته فإنك لو كتبت كلاما ً لا يرقى للمستوى المطلوب منك ككاتب ولكن فكرتك كان يؤيدها الناس ستجد المديح والتبجيل لك مهما كان اسلوبك ( مسلما ً كنت او مسيحي او ملحد ، بل شيعيا ً او سنيا ً لا يهم اسلوبك ولا قوة حجتك فالمهم هو من يؤيدك ) وهذا ما حدث مع كتاب حوار مع صديقي الملحد ، حتى لا نطيل لنأخذ جزء يسير جدا ً مما قاله مصطفى محمود في كتابه .
لن اطيل بهذه النقطة كثيرا ً لانها لا تستحق الاطاله ولكنها الوحيدة التي سأتحدث عنها، يقول : انك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته ، فالسببية قانونا نحن ابناء الزمان والمكان والله الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان و المكان ولا يصلح لنا ان نتصوره مقيدا ً بالزمان و المكان )
والحقيقة ان الفساد هو بجوابه ، فمن الذي قال لك يا استاذ محمود انك اجبت على سؤال الملحد عندما قال : من خلق الله ؟
فبقولك انه لا يجب ان نجعل الله خالقا و مخلوقا في نفس الوقت ، سنقول هات برهانك ان كنت من الصادقين ، انت تلزمنا ان لكل مخلوق خالق ، فأنا عندما أقول لك ان الكرسي له خالق ستقول الانسان ، وعندما اقول للانسان خالق ، سيكون الله ، وعندما اقول ان لله خالقا ، فبالضرورة يجب ان يكون لديك العذر لوجوده ، اذن الانسان هو خالق ومخلوق لان له اراده لكن الفرق اننا نعلم ان الانسان هو بالضرورة خالق الكرسي لكن لاعلم لنا ان الله بالضرورة هو الخالق ، ونحن نعرف بوجود الانسان لانه واقع نلمسه ، لكن الله لا وجود له امامنا ولا حتى له أثر ، فالواجب اذن عليك ان ادعيت أمرا ً أن نأتي بالفكرة كاملة لا ناقصة ، لانك وحدك من تتدعي امتلاك الحقيقة المطلقة بعكس من يقول لك اني التمس وجود الكون و الانسان لكني لا أعرف من أين أتى ، هنا هو يلقي بالكره في ساحتك ، أما من ادعى ان لديه الحقيقة المطلقة مثلك وحاول اثبات طريقة خلق الانسان ، فعليه مثلما عليك ، لا تلقي علي الفكرة ثم تقول هي في الغيب و نعجز عن معرفة مصدر وجوده ، والا لاستطعت ان اقولك لك ، هناك كائنات فضائية اعجز عن ان اتي بمصدر لوجودها .

- أيها المتمدن في زمانكم هذا بعد أن راجت في القرن الماضي نظريات الإلحاد ، دخل المؤمنون في متاهات عديدة من أجل اثبات وجود الله و للاسف انهم استخدموا سلاحا غاية في الخطورة وهو : العلم ، و اسمحلي ان استرسل في هذه النقطة خارج الموضوع . كما يعرف العقلاء ان وجود الله نعبر عنه من خلال الايمان ، والايمان بحد ذاته هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان ، انه الايمان باللا مرئي و الايمان بالغيب ومن كثرة تخبط هؤلاء انهم مرة يردون الايمان الى الفطرة السليمة ومرة الى العلم ، فان كانت الفطرة هي سبب الايمان فلما نحتاج لاثباته عن طريق العلم ؟ ومن يرده الى الفطرة السليمة وما شابهها ، فليأتي ببرهانه ان الطفل مؤمن بالفطرة ، لان الطفل دائما في سواء مستمر عن ماهية الله و من أين أتى هذا الرب ، من خلال منطقكم هذا يمكننا الاستدلال على أسئلة الاطفال ومنطقيتها في أننا بحاجة الى اثبات مصدر وجود الله او سبب خلقه لهذا العالم ( وهو الامر الذي عجز عنه أكبر الفلاسفة الى ان ظهرت الوجودية وقالت ان الوجود مأساة يعيشها الانسان ) . أعود لمحور حديثي ، العلم للاسف يتدخل فيه رجال الدين من أجل اثبات أمر معروف مسبقا ً فيحدثون ربكة في نفوس المؤمنين ، أي أنهم عندما يقولون ان تلك المسألة وردت في القران ثم يأتي العلم لينقضها في اليوم التالي ( لانه كما نعلم ان العلم يعتمد على مقولة : حقائق الامس خرافات اليوم ) سيحدث هذا ربكة غير طبيعية في نفس المؤمن البسيط ، لانهم تدخلوا في أمور لا علاقة لهم بها كالعلم . يقول الشيخ الراحل محمود شلتوت : لسنا نستبعد إذا راجت عند الناس فى يوم ما -نظرية دارون مثلاً -أن يأتى إلينا مفسر من هؤلاء المفسرين الحديثين فيقول أن نظرية داروين قد قال بها القرآن الكريم منذ مئات السنين .
ولقد قرأت أيها المتمدن في كتاب (تفسير القرآن الكريم) للشيخ محمود شلتوت ص 13 عن التفسير بالإعجاز العلمى قائلاً " إن هذه النظرة لقرآن خاطئة من غير شك
أولاً : لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف ثانياً : لأنها تحمل أصحابها والمغرمين بها على تأويل القرآن تأويلاً متكلفاً يتنافى مع الإعجاز ولايستسيغه الذوق السليم ثالثاً : لأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم فى كل زمان ومكان ،والعلوم لاتعرف الثبات ولاالقرار ولاالرأى الأخير فقد يصح اليوم فى نظر العلم مايصبح غداً من الخرافات "

- لا أخفيك سرا ً يا حكيم انك تشبه مصطفى محمود في جزئية نقض العقل ثم الوثوق به ، في كتابه هذا يعترف بمحدودية عقله ثم يرى انه يمتلك الحقيقة المطلقة ، فان قلت له من اين اتيت بها ؟ قال من خالقي ، وان قلنا له من اين اتى خالقك ؟ قال لست أدري ، فأي حقيقة هذه التي لا تعرف مصدرها ، أظنك يا حكيم وصلت للجزئية التي استعان بها بالفيلسوف كانط عندما قال : اننا نعرف الله بالضمير لا بالعقل . وهو ما يخالف نص القران الذي يقول ان الله يتم الاستدلال على وجوده بالعقل ، انها حجة الغريق الذي يبحث عن نجاته وان كانت على يد الشيطان ، كل ما يذكره ويستدل به محاولة للهروب من اجابة على السؤال: من خلق الله ، فكل الاجابات كانت واحدة في المعنى : لا يجب ان يخضع الله لقوانينا . اذن يا حكيم .. لما يحاول ان يروج لفكرة غير مكتملة ؟ اني اتفهم جيدا ً محاولات البعض المستميته لاستعادة صورتهم الجميلة قبل ان تدوسها اقدام المؤمنين ... لكن هونا على عقولنا هونا .
ليس بالضرورة ان نكون ملحدين لكي نعرف كثرة التدليس و الثغرات التي يحاول من خلالها البعض الهروب من نقاط مهمة ، مؤمنين نحن ولكن لنا عقول ، لن نطبل ونزمر لكل من يناصر فكرتنا بكلام هش نش لا يغني ولا يسمن من جوع ، فاغلب الحديث كان بصورة تبجح وغرور واستعمال للاسلوب المفلس كالعادة .

.

السبت

جدد حياتك ، و خرافات عائض القرني ..!!



لم أستطع أن أتمالك نفسي ياحكيم من الضحك بعد أن قرأت مقالة مشعل السديري ورد عايض القرني عليها ، عايض الذي قال بالحرف الواحد : ( مع العلم أن بعض الإخوة أخبرني أن في لجنة جائزة نوبل بعض الأشخاص لا يرتاحون لي، حسبي الله عليهم، الله يجمد الدم في عروقهم، ومن الذي حلّلها لنجيب محفوظ وحرّمها عليّ، ولئن طال بكم عمر لتسمعوا ما يسرّكم، ) و أكاد أقسم ان عايض ان كاد جادا ً ام مازحا ً تبقى جملته هذه دليل على الحرقة التي يعيشها بسبب انتشار الكتاب وعدم حصوله على جائزة نوبل ، فياحيف يا عايض على هكذا عقول ، ان من يقرأ كتب عايض القرني يدرك تماما ً انها مكرره ولا يوجد بها الا الايات و الاحاديث و الروايات ، ولم يفعل عايض شيئا الا الربط بينها بعبارات يستطيع كتابتها اي طالب في المرحلة المتوسطة ، واني اجزم ان انتشار كتاب لا تحزن لن يكون كانتشار كتاب جدد حياتك للغزالي ( الذي بالمناسبة هو النسخة الحقيقية التي استعان بها عايض القرني في كتابة كتاب لا تحزن ) أي ان عايض القرني لم يقدم فكرة جديدة ، بل حتى فقرات الكتاب مقتبسه تماما ً من كتاب جدد حياتك ، حتى في المصادر التي استعان بها الغزالي ( ككتاب ديل كارنيجي - دع القلق و ابدأ الحياة ) نقلها عايض القرني نقل تام دون ذكر المصدر .

هذا بما يخص كتاب لا تحزن ... أما عن باقي كتبه ، فهي لا ترقى عن كونها قص و لزق من القران و السنة النبوية و جمل بسيطه تربطها ببعضها ، لا يوجد من ينكر ان الايات و الاحاديث تضفي جمالا ً على اسلوب الكاتب ، لكن يجب ان يكون كاتبا ً بحق يكتب و يشرح ويطيل ، أما ان يذكر الايات و الاحاديث فهو لم يتعدى كونه ناقل من البخاري و القران .
ربما حسنة عايض الوحيدة هي في السجع الذي يتقنه ، وهو أمر جيد ونشجعه عليه ، لكن لا تستخف بعقولنا يا دكتور وتتباهى بكمية المبيعات بينما في النهاية الفضل الاول و الاخير يعود للغزالي و ديل كارنيجي ، وليتك اعترفت بهذا الفضل ، بل نسبته الى نفسك و توهمت انك صاحب الفكرة وكاتب فذ . عملك كان جيدا ً لا بشهادة مني بل من الجميع ، لكن ألم يكن خيرا لمكانتك و لعقولنا ان تتفضل علينا بالكتابه من بنات افكارك لا من النقل ؟
وهي بالمناسبة ليست المرة الاولى التي يتعدى فيها عايض على الحقوق الفكرية للاخرين ، وان لم تكن سرقة ، فهي دليل على الخواء الفكري الذي يعاني منه ، يريد الشهرة و النجاح ولا يملك من الافكار شيئا ، فيتعدى على الاخرين ويأخذ اسماء مؤلفاتهم بل و فقرات من كتبهم بدعوى الاقتباس . لننظر مثلا ً اليه وهو يكرر فكرته اربع مرات في : 1- تاج المدائح 2- مقامات القرني 3- قصة الطموح 4- شريط صوتي
بعنوان : رأيت امريكا ، هو ذاته مقال السيد قطب الذي كان بعنوان : امريكا التي رأيت
اي انه حذف التي و بدل الكلمات ، لكن (لا تحزنوا ) فالمقال هو هو ، لم يتغير من فكرته او كلامه شيئا ، نقل الفكره نقل تام عن السيد قطب .
قمة التناقض والاستخفاف بالعقول هو بمقال عايض القرني في صحيفة الشرق الاوسط حينما قال : (
وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، حسن التأدب مع الآخر، أصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة. ) بينما في موضع له سابق في كتاب " مقامات القرني " قال : ( اللهم احصهم عددا ً واقتلهم بددا ً ولا تغادر منهم أحدا ) إلا ان كان عايض يحب فرنسا ويكره الامريكان ، فهذا امر اخر .
قمة الوقاحة هي حينما يذهب الى بلد يستضيفه ثم يشتمه ويرجع ، يقول القرني :
رأيت امريكا التي نسجوا لها اغلى وسام ** قد زادني مرأى الضلال هوى الى البيت الحرام
وعجبت للانسان مبتور الارادة و المصير ** يحيا بلا دين ولاقصيد ولا هدي منير ** مركوزة قدماه في طين المرارة و السعير ** زيف ٌ من الهالات في قسماته -شعب ٌ حقير- )
قمة الوقاحة أن يتحدث انسان بهذا السوء عن شعب ٍ استضافه فهو لم يتحدث عن حكومته بل عن الشعب نفسه ، يريد ان يتدخل في أدق خصوصياتهم وحريتهم التي لولاها لكان هو و صحبه في السجن ، يتحدث عن المصائب التي فعلتها الادارة الامريكية في زمن ٍ من الازمان وينسبها للشعب الامريكي بل و يطلب من الله ان يمحيهم و يمحي بلدهم لان عايض لا يستطيع ان يدرك ان الادارة الامريكية تتغير وتتغير وجهة نظرها و تصرفاتها كل اربع سنوات ، وياحيف على هذه العقول مرة اخرى يا دكتور .
لكن عزاء الناس هو باقرارك الاخير على أن حياتهم المرتبة التي تفوق حياة العرب ترتيبا ً و جمالا ً( باعترافك ) و توقفك عن التبجح بالماضي ، ففي كتابك كلما تحدث الامريكي عن الاختراعات وما وصلوا هم اليه ، تحدثت انت عن الماضي و الفتوحات الاسلامية التي لا علاقة لك فيها ، فالامريكي يفتخر بالحاضر وما تصنعه يداه ، وانت تفتخر بالماضي وما صنعه الاجداد ، بل و الادهى و الامر عندما يفاخر الغربي انه صنع التلفون و التلفزيون و السيارة و الطيارة ، و تفخر أنت أن أرضك هي مهبط الوحي ، عجبي ، وهل نزول الوحي هو أحد اعمالك الجليلة حتى ترد عليه بمثل هذا الرد السقيم ؟ لكني أحيي فيك القدرة على التغيير لا على التناقض ، فالانسان عندما يعترف بخطأ اقترفه في الماضي و يعود عنه ، يكون قد ابدى مرونه فكرية كبيرة و اثبت انه انسان سوي ، لكن أن يلقي بالتصريحات و المقالات هنا و هناك دون ان يعود عن قوله السابق ، لن يكون سوى انسان متناقض ، وفي موقفك انت نستخلص انك تخشى غضب القوم عليك بقولك : ( أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف، ووالله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين. ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني، يقول تعالى: «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ) فيادكتور ان كنت على حق فلا تشخى في الله لومة لائم ، واعتذر لذلك الشعب الذي وصفته بالحقير ، لانه ليس حقيرا ً كما تقول بل الحقير هو من يأكل من ارضهم و يعالج ركبته لدى الغرب ثم يصفهم بالحقارة .
بل انظر الى الغرور و التبجح الذي وصل إليه عايض القرني بقوله : ( أكبر شاهد يا إخوان، وقد ذكرت جريدة «المدينة» نقلاً عن هيئة الإذاعة البريطانية، أن صدام حسين كان يصحب في السجن كتاب (لا تحزن) للعبد الفقير (أنا) ولهذا رزقه الله الميتة الحسنة فتشهّد، فمن أراد أن يموت مشنوقاً شريفاً فليقرأ كتاب (لا تحزن) )
يارجل ارحم عقولنا ، لازلت تزايد ، وتتباهى بكون الكتاب المسروق لك ، بل و تزيد عليه ان صدام مات شهيدا ً و رزقه الله الشهادة لانه قرأ كتابك ؟ تبا للغرور و أهله . وان كنت مازحا ً
ياعايض هل منحت صدام حسين صك الغفران وبأنه مات شهيدا ً ؟ بل و السبب هو قراءة كتابك ؟
هل تقولت على الله و استلمت مقاليد السلطة بدلا ً عنه لتعطي صدام حسين التزكية و الغفران لكل خطاياه التي وصلت عنان السماء من قتل وتدمير للعراق و جيران العراق وغفرت له كل قطرة دم سالت على صدور الابرياء الذين ماتوا في عهده ؟ ياحيف .
والحقيقة ان تفسيره لتكرار الكلام في كتبه اذهلني، فعندما سأله شخص في احدى الفضائيات عن سبب كون كتبه ذات طابع واحد ومكرره لا جديد فيها ، رد عليه بقوله : ( وهل تحسبنا مغنيين حتى نأتيكم بالجديد ، الله تعالى كرر قصة موسى في اكثر من موضع في كتاب )
وهذا أمر يحتاج الى وقفة بطبيعة الحال ، فالادباء و المفكرين يأتون بجديد في كل وقت ، وكل صاحب صنعه سيأتي بالجديد ان كان لديه عقل مفكر ، فالأمر غير مختص بالفنانين و الممثلين فقط ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى يا دكتور عايض ، ان مقارنتك نفسك بالله لهي أحد أهم دلائل فراغك من الفكر الفهيم لان الله تعالى أنزل قرانا ً واحدا ً وجب فيه التنبيه والتكرار لانه سيبقى خالدا ً على مر العصور ، ففي كل ذكر قصة يلقي الله الضوء على أمر معين يجب الانتباه له ، أما انت يا دكتور فمطلوب منك ان تكون بنفس الصورة التي ترسمها لنفسك ( صورة الاديب ) وأن تأتي كما يأتي الادباء بالجديد ، كان من الواجب عليك ان تتذكر ان الله كرر الكلام في كتاب ٍ واحد سيبقى ما بقيت البشرية ، أما باقي البشر فمن لا يملك فكرة جديدة تفيد الناس فالافضل أن يبقى في بيته مستريحا ً و مريحا ً بدل ان يبادر الناس الى شراء الكتب واحدا ً تلو الاخر ليكتشفوا انه غثاء مكرر ، لدي حوالي 11 كتابا ً من كتبك لم ارى فيه الجديد الا ( هذه عقيدتي ) - وكم ارجو ان يكون من بنات افكارك -
ثم انك شاعر أليس من الواجب ان تأتي بجديد ؟ تصور معي يا دكتور أن شاعرا ً فحلا ً كرر القصيدة 11 مرة ، نفس المعنى بكلمات مختلفة ، ببساطة سنقول له : عد الى بيتك .
فعد الى بيتك يا دكتور