الجمعة

الاستعمار الصحوي خليفة الاستعمار الأوروبي ، شر خلف لشر سلف


الحكيم : قرأت في الجريدة اليوم أن روزا بارك توفيت 2005 و قد نشروا مسيرتها في تحرير السود في امريكا . سبحان الله الذي وضع قوة التغيير في مخلوقة ضعيفة.
المتمدن : بداية التحرر في كثير من الأحيان هي نتاج عمل فردي ، أو مجموعة صغيرة لا حول لها ولا قوة ، مارتن لوثر كمثال وقف لوحده أمام تسلط الكنيسة الكاثوليكية ، كذلك روزا بارك التي مهدت الطريق لمارتن لوثر كينغ من أجل تحرير السود ، و حادثة حرق العباءة في الكويت في مطلع الخمسينيات التي شاركت بها مجموعة من فتيات الكويت منهم فاطمة حسين التي ألفت رواية " أوراقي" تحدث فيها عن التغيير الهائل الذي حدث في الكويت بالنسبة للمرأة وكيف كانت هي من ضمن الدفعة الاولى للمبتعثات في القاهرة .
الحكيم : لا تقلل من شأن الثورات أيها المتمدن ، أولم تحقق التحرر من الاستعمار الاوروبي على يد الجموع من المواطنين ؟
المتمدن : هاها !! الأمر ليس بالتحرر من الاستعمار ، بل من هو المستعمر ؟ عندما كانت فرنسا تقول إنها هي المستعمر ، استطاعوا التخلص منها ، لكن عندما يأتيك الذئب في ثوب الحمل الوديع يصبح الاستعمار لذيذا ً و مطلوبا ً أليس كذلك؟
الحكيم : كيف ذلك يا رعاك الله !
المتمدن : لدي سؤال ياحكيم : ماهو الفرق بين الاستعمار الاوروبي و الاستعمار الصحوي المتأسلم؟ كلاهما نتن لكن الأول أتى بـ(وجوه سمحة) و الثاني بوجوه (تسد النفس )، الأول نحاربه وجها لوجه ليخرج مهزوماً من الجزائر - مثلا ً - ، أو صلحا ً كما في الخليج ، بينما الإستعمار الصحوي يأكل جسد المجتمع مثل السرطان بعد أن أعطانا أفيون اسمه "الدين" كستار لكل أفعاله ، أنت تعلم أن الأوروبي يستنزف دمك ، لكنك لا تعلم أن الصحوي يفعل أسوأ من ذلك تحت ستار الدين ، يحدون من حريتك الشخصية فتهتف لهم كالببغاء : طبقوا شرع الله ، على الرغم من أنه شرعهم وحدهم لا شرع الله . لماذا نحتفل كل سنة بالإستقلال ، عجبي ، الإستقلال من ماذا بالضبط ؟ نحن ما زلنا مستعمَرين لم نتحرر ، فالحرية هي أن نكون قادرين على قيادة أنفسنا لا أن يقودنا أحدهم إلى الهلاك والحقيقة اني لا أتمنى ان تتحرر هذه الشعوب الآن ، ماذا سيحدث إن حبست رجلا ً سنوات طويلة في السجن ، ثم حررته فجأة بلا قيد أو شرط ؟ لن يحدث إلا أمرين -1- إما أن يعود الى حبسه الذي اعتاد عليه و سيسمي هذا حرية بل و سيجرك جرا ً إليه -2- أو أنه سينطلق للملذات بلا قيد أو شرط باسم الحرية ، وفي كلا الحالتين هو لم يعرف معنى الحرية بل يعرف التطرف فقط . لذلك اصنع أولا دولة علمانية ثم فكر بجلب الديموقراطية .
الحكيم : قد تكون الحرية محدودة الآن لكنها حتما ً ليست كما هي في بداية القرن الماضي ، وقوى الاستعمار الكبرى تسيطر على العرب بلدا ً تلو الاخر .
المتمدن : لا فرق عندي ....... في البداية كان الاستعمار عثماني ملئ بالأمراض و الأوجاع و التخلف
ثم الإستعمار الاوروبي بجميع اشكاله
ثم إستعمار الحركات القومية التي قتلت الشعوب و بالأخص في العراق و ليبيا ومصر
والآن يأتي الإستعمار الصحوي
ما الحكمة إذن من الاحتفال بالإستقلال إن لم نذق يوما ً طعم الحرية ؟
وهو ما يدعم نظرية الإنتقائية العربية ، لأن الإستعمار الغربي بالنسبة لهم هو الإستعمار الحقيقي الذي يقتلهم بينما الإستعمار العربي مسموح له بحجة أنهم مسلمين ، ولا مثال على ذلك إلا موقفهم من الغزو العراقي على الكويت حيث أن الغزو العراقي الاسلامي يعتبر أفضل بكثير من تحرير البلد على يد الامريكان ( الكفار ) ، كذلك الحرب الامريكية على العراق جعلوا لها قاعدة غريبة تقول: أن يسقط صدام : نعم
أن تسقطه أمريكا : لا
أي أنهم لا يريدون أن يرحموا العراقيين ولا يتركوا رحمة الله تنزل ، و أعتقد أن المآسي التي تحدث في العراق الان والتي يتحمل الامريكان جزء منها ليست سوى نتيجة حتمية لاهمالنا ، من لا يريد أن يسقط الطاغية ، سيأتي طاغية آخر يحكمه .
كذلك جمال عبدالناصر الذي كان يضربهم بالجزمة وهم يهتفون له ، أو حتى معمر القذافي . إنهم أصحاب الشعارات القومية الاسلامية الفارغة حتى إني بدأت أقتنع أن الليبرالية لا تنفع أبدا مع العنصر المتشدد ، في الستينات وضعت الكويت أسس الدولة الحديثة الديموقراطية ، فأتى العنصر المتشدد الذي لا يؤمن أصلا بالديموقراطية بل يعتبرها أحد أنواع الكفر ، و يصل من خلالها الى سدة الحكم ( ولا أعني حكم الدولة بل الحكم المستور كما يحدث في المملكة العربية السعودية ) ، بعدها ستكون الديموقراطية أول مظلوم يتم اعدامه على يد هؤلاء ، لقد أتوا و قلبوا موازين الأمور فمنعوا التعليم المشترك وحرموا الاحتفالات ، لينقلب دور المجلس من بعد أن كانت مهمته إيصال هموم المواطن المعيشية و محاسبة الوزراء ، الى إيصال هموم العنصر المتشدد بحجة حرية الرأي ، وأكبر همومهم هي : ألعاب البلي ستيشن و الاختلاط و الحفلات . المجلس لا ينفع وحده كما ذكرت ، ولكننا كالمستجير من الرمضاء بالنار ، إن أبقينا على المجلس ( ناشبونا هالمطاوعة ) ولا حياة لليبراليين بو طقة ، وإن أزلناه أكل الوزراء المال العام .
لكن لا أقول إلا هذا الدعاء ، ومن الله الإجابة : يارب ضع حب الجهاد في قلب كل صحوي ، ليأخذ كل منهم حزامه الناسف و يفجر نفسه في أفغانستان و العراق ، ولا تبقي منهم أحدا ً ، ومتعهم بالحور العين ليتركوا الارض الملعونة والدنيا الفانية لنا .

ليست هناك تعليقات: