جلس الحكيم يوما بعد ظهر يوم ٍ ممل وكئيب من أيام شهر يونيو الحارة يتصفح جريدة النهار ، بينما كنت أُقلب قنوات التلفاز التي لا حصر لها ولا فائدة لها أيضا :
الحكيم : بائسة بائسة بائسة ، كل اخبار الجرائد بائسة ، لبنان يؤكل من كل جهة
أنا : آه يا حكيم أقسم ان الارهابيين جعلوا الانسان اللبناني يعرف ان الله حق بعد أن كان يعتبر الخليجيين همجا ورعاع .
الحكيم : بائسة بائسة بائسة ، كل اخبار الجرائد بائسة ، لبنان يؤكل من كل جهة
أنا : آه يا حكيم أقسم ان الارهابيين جعلوا الانسان اللبناني يعرف ان الله حق بعد أن كان يعتبر الخليجيين همجا ورعاع .
- لبنان جنة الله في الارض أيها المتمدن و لكنها الان أصبحت معقلا للصراعات الطائفية ، و أنت تعلم بلا شك اني من دعاة الوحدة العربية فصدقني لو تكاتف العرب لنصرة لبنان لانتصروا .
- هاها ، فلما لم يتكاتفوا من أجل فلسطين ؟ لا أقول الا كما قال بو شلاخ : (قبل أن يقوم أي تقارب حقيقي بين العرب يجب أن نكون عربا ً من درجة واحدة ، لا عربا ً من الدرجة الاولى ماركة مدن ، و عربا ً من الدرجة العاشرة ماركة صحاري ، عرب المدن اعترفوا باسرائيل ولم يعترفوا بنا . حضاريون يصالحون حضاريين . مادخل البدائيين في المسألة ؟ )
- لما كل هذا التحامل على العرب أيها المتمدن ؟
- هو ليس تحاملا ً وأنا لا أكره أحدا ً ، ولكن من غير المعقول أن يحتقرونا على الرغم من أننا لم نؤذ ِ أحدا ً كل ذنبنا هو الاتجاه للجهة المعاكسة لرأيهم الميت ، أي وحدة تلك التي حررت فلسطين ؟ تخيل معي لو أن الكويت رفضت مساعدة امريكا بسبب الوحدة العربية ، سنكون الان في سجون أرضية ، هذا إن بقينا على قيد الحياة .
- هو ليس تحاملا ً وأنا لا أكره أحدا ً ، ولكن من غير المعقول أن يحتقرونا على الرغم من أننا لم نؤذ ِ أحدا ً كل ذنبنا هو الاتجاه للجهة المعاكسة لرأيهم الميت ، أي وحدة تلك التي حررت فلسطين ؟ تخيل معي لو أن الكويت رفضت مساعدة امريكا بسبب الوحدة العربية ، سنكون الان في سجون أرضية ، هذا إن بقينا على قيد الحياة .
قبل أن تتم أي وحدة عربية يجب أن ينسى مغروري الامس تلك التقسيمات السابقة ، الوضع أصبح غريبا ً عجيبا ً ففي ثلاثينات و أربعينات القرن الماضي ، كنا نحن أبناء الصحراء عرب درجة عاشرة ينظرون لنا على أننا أنصاف بشر و أنصاف حيوانات ولسنا سوى حميرا تحمل أسفارا ، بل ان بعض أدباء العرب كانوا يقولون كيف يعطي الله النفط لهؤلاء الغوغاء ، وكانوا هم عرب درجة أولى ، ولكن بعد ظهور النفط و انتعاش الحياة الاقتصادية لدول الخليج ، وبعد اختفاء الادباء الذين كانوا أحد أهم مصدر افتخارهم بانفسهم " توفيق الحكيم - عباس العقاد - مصطفى محمود - مصطفى أمين - محمد حسين هيكل - السباعي " و كذلك بعد اختفاء أو لنقل سقوط النظريات الاشتراكية و الشيوعية ، تمسكوا بالحبل الاخير للنجاة الذي يمثله لهم صدام حسين ، و جزء منهم لا زال يقاوم الموجة الخليجية بتأييده لصدام حسين ، و يسعون الى تقسيم المملكة العربية السعودية ، فهل ترى معي يا حكيم أن عرب ماركة المدن سيحبون الوحدة حبا ً في الوحدة فقط؟ أم من أجل البلاء الاسود الذي تحت أقدامنا ؟ يا أيها العجوز انظر الى جرائدهم ، انهم يتهموننا بالخيانة بسبب علاقاتنا القوية مع الولايات المتحدة الامريكية و العالم الغربي بشكل عام ، نحن اخترنا المعسكر الغربي بما يمثله من رأسمالية ، وهم اختاروا المعسكر الشرقي بما يمثله من شيوعية منهارة وانتهت للابد ، ولكن اخوتنا ماركة المدن ينسون " أو يتناسون " انه في يوم من الايام هم مدوا أيديهم للدويلة المسماه اسرائيل التي جاءت وأصبحت احدى المصائب التي لم يستطع معسكرهم الشرقي انقاذهم منها ، لقد مدوا أيديهم لها ، صافحوها ، و أدخلوها ديارهم ( السفارات ) ولكن بقينا نحن نرفض كل تطبيع معها ، ومع ذلك نتهم نحن بالخيانة و الانبطاح للغرب و يبقون هم مصدر الشجاعة و العروبة ، فعن أي وحدة عربية تتحدث ؟ سينتهي النفط خلال السنوات القادمة ، ان لم تستطع دول الخليج النهوض وايجاد مصدر آخر غيره ( كما فعلت الامارات ) فابشر يا حكيم بطول سعادة تحت ظل سيطرة عرب ماركة المدن ، و ابشر بالمصائب و الكوارث و الفقر و الذل الذي سيأتي لنا من خلال ثوراتهم التي لم تفدهم .
ان كنت حيا ً وقتها .. فاديني خبر و فرخة يا حكيم
ان كنت حيا ً وقتها .. فاديني خبر و فرخة يا حكيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق